لم يكن “حسام” يدري أن اللعبة التي ظنّ أنه يتحكم بها… قد قلبت عليه فجأة.
كان موظفًا عاديًا، أو هكذا يبدو.
لكنه في الحقيقة، لم يكن يرى نفسه عاديًا أبدًا.
كان يعتبر نفسه أذكى من الجميع:
“أنا مش زيهم… بفهم في السيستم أكتر من اللي عاملينه.”
يعمل في قسم تكنولوجيا المعلومات بشركة كبيرة، موقعه يمنحه صلاحيات واسعة:
الاطلاع على البريد الإلكتروني الخاص بزملائه، الدخول إلى ملفاتهم السرية، وحتى متابعة تسجيلات كاميرات المراقبة الداخلية… وكل هذا من مكتبه البارد في الطابق الرابع.
ولأنه “ذكي”، قرر أن يستخدم هذه الصلاحيات لشيء أكثر إثارة من العمل نفسه.
بدأ الأمر بتسلية بسيطة… مراقبة زميلته “هالة” وهي تتحدث مع خطيبها على البريد الداخلي، ثم تخزين الصور التي ترسلها له، فقط… للاحتفاظ بها، لاستخدامها وقت اللزوم.
ثم تطورت اللعبة…
المشهد 1: بداية اللعبة
أصبح “حسام” يمتلك “أرشيفًا أسود” لكل موظف في القسم، يحتوي على رسائل مسروقة، مكالمات مسجلة من تطبيق الاجتماعات، وحتى مقاطع فيديو مسروبة من الكاميرات الأمنية. لم يكن أحد يشك في شيء، فهو الرجل المسؤول عن النظام، والصامت دائمًا، والمهذب بشكل مصطنع.
يقول لنفسه كل مساء:
“أنا مش بابتز حد… بس حلو إنك تكون ماسك على الكل حاجة أو غلطة.”
في كل مرة يُهدد موظفًا بالإشارة إلى فضيحة صغيرة، يرضخ له هذا الأخير فورًا. لم يستخدم التهديد صراحة، بل كان يكفي أن يذكر تفاصيل لا يمكن لأحد معرفتها إلا من الداخل.
ولأن القوة تُسكر، بدأ حسام يطلب المزيد. ترقيات تتم دون نقاش ، إجازات بدون وجه حق . تحويلات مالية غامضة تتم تغطيتها من إدارة الحسابات.
كل شيء تحت سيطرته… أو هكذا ظن.
حتى جاء ذلك اليوم.
مشهد 2: أولى علامات الظل
كان صباح الاثنين عادياً في الشركة… حتى بدأت الشاشات داخل الطابق الرابع تومض برسالة غريبة. رسالة ظهرت على كل الشاشات، ثم اختفت في أقل من ثلاث ثوانٍ:
“كل من يلعب بالنار… يراها تحترق في وجهه. – ذا شادو”
ظنها الموظفون مزحة… أو ربما اختبار أمني من قسم IT. لكن “حسام” شعر بشيء يتسلل إلى داخله… رعشة خفية… وبرودة لم يعرف مصدرها.
عاد إلى مكتبه مسرعًا، دخل إلى لوحة النظام… فوجد شيئًا لم يكن في الحسبان.
سجل الدخول الخارجي من جهاز مجهول داخل شبكة الشركة.
الموقع: السيرفر الأساسي الوقت: 03:17 صباحًا المستخدم: root_@shadow
كان هذا مستحيلاً.
هو الوحيد الذي يملك صلاحيات الدخول على السيرفر الأساسي. وهو لم يكن في المكتب أساسًا!
بدأ يتصبب عرقًا. بحث سريع عن الأثر الرقمي لذلك الدخول… لا شيء. الملف الوحيد الذي تغيّر في ذلك الوقت كان اسمه: mirror.log
فتح الملف… ليجده يعرض شاشة سوداء، وبها عبارة واحدة تتكرر:
“مرآتك بدأت تعكس وجهك الحقيقي.”
توقف لثوانٍ. من كتب هذا؟ وكيف دخل إلى النظام؟ وكيف عرف ما يفعله؟
أغلق الملف… ثم أغلق جهازه. لكنه لم يكن يعرف أن كل شيء قد بدأ بالفعل.
🕯️ المشهد الثالث: الشبح الذي لا يظهر في المرايا
دخل حسام غرفته، أغلق الباب، وجلس على طرف السرير. الجو في الشقة أصبح أثقل من المعتاد. ليس بردًا، بل نوع آخر من البرودة… كأن الهواء نفسه يرفض الحركة.
فتح اللاب توب ليكمل عمله، لكن الإضاءة الخافتة على الشاشة أظهرت شيئًا عجيبًا… انعكاس شخص يقف خلفه.
استدار بقوة، لم يجد أحدًا.
تجمدت الدماء في عروقه.
أغلق الشاشة، والتقط مرآة صغيرة على الكومود.
لا شيء يظهر…
أعاد رفعها، ورأى ما لا يصدقه عقل:
شخص يرتدي قناعًا أسود يقف في الزاوية، لكنه لا يظهر أمامه، فقط في المرآة.
ألقى المرآة أرضًا، لكنها لم تنكسر.
همس صوت أجش في أذنه:
“مش كل اللي مش ظاهر… مش موجود.”
قفز حسام للخلف، فتح النور، وركض للباب، لكنه لم يفتح.
حاول الاتصال بصديقه “علي”، الهاتف مغلق.
فتح النافذة، وجد أن الشارع كله بلا حركة… حتى الكلاب الضالة اختفت.
💻 المشهد الرابع: الملف الملعون
مع بزوغ فجر اليوم التالي، عاد كل شيء لطبيعته. أو هكذا ظن حسام.
جلس يراجع ملفات العملاء على جهازه، فظهر فجأة ملف غريب بعنوان:
“YouWereWarned.mp4”
ضغط عليه، فبدأ فيديو مظلم يهتز ويصدر همهمات بشرية… ثم صوت أنثوي يهمس:
“كلهم عارفين… بس ساكتين. الدور جاي عليك.”
تسارعت دقات قلبه. حاول إغلاق الفيديو… لكن لم يُغلق.
ظهر توقيع في النهاية:
“SHADOW USER – CODE: H204”
تذكر وقتها أنه تلقى بريداً من عميل مجهول بنفس الكود، لكن لم يفتحه.
أعاده فتح الرسالة، ووجد داخلها:
“أنت كنت مجرد اختبار… الكود اشتغل، والنتائج بدأت تظهر.”
🧠 المشهد الخامس: البرمجة العكسية
قرر حسام مواجهة الأمر بعقله البرمجي.
فتح بيئة العمل، وحاول تتبع أصل الفيديو، لكن كل مسار يقوده إلى مجلد داخل نظامه لا يتذكر أنه أنشأه.
اسم المجلد؟
“Inside_You”
فتح المجلد، فظهر له ملف بصيغة .exe باسم:
“HeartBeat.exe”
ضغط عليه، فظهرت نافذة تقول:
“كل نبضة منك… مسجلة.”
فجأة بدأ المايك يعمل، والكاميرا تضيء.
ظهر وجهه على الشاشة، لكن عينه اليمنى كانت تنزف دمًا رقميًا.
ثم ظهر نص:
“كل من فتح هذا الملف… لم ينجُ.”
ثم
“التعقب بدأ الآن.”
أُغلقت الشاشة، وانقطعت الكهرباء.
المشهد 6: النهاية الحاسمة – المواجهة والسقوط
استفاق حسام بعد دقائق، وجهه مبلل بالعرق، وجسده يرتجف. كان كل شيء حوله مظلمًا، لكن صوتًا بداخله كان يصرخ بشيء واضح:
“أوقف ما تفعله… قبل أن تُمحى.”
فتح عينيه، ليجد نفسه جالسًا في غرفة مظلمة تمامًا، بلا مصدر ضوء واضح. شاشة عملاقة أمامه بدأت تعرض مقاطع من حياته: تهديده لهالة، سرقة الملفات، التنصت، كل التفاصيل.
ثم ظهر صوت عميق، كأنه صادر من داخل رأسه:
“هل رأيت الآن ما فعلته؟”
حاول الصراخ، لكن فمه لم يُفتح.
ظهر أمامه كائن غامض مغطى بالظلال، ملامحه غير واضحة، لكن صوته صارم:
“أنت كنت تُراقب، والآن أنت المُراقَب. كل ما جمعتَه سُحب، وكل ملف نسخته حُذف، وكل أثر لك في النظام… مُسح.”
أضاءت الشاشة فجأة، لتعرض له صورة وجهه مشوهًا رقميًا، كأنه مخلوق من شفرات تالفة.
قال الكائن:
“العقوبة ليست في الفضيحة، بل في الفراغ. لن يبقى لك أثر.”
حاول حسام أن يتوسل، لكن الكائن قاطعه:
“سنمنحك فرصة… أخيرة. تتوقف الآن. تمحو كل ما تبقى. وتختفي من هذا العالم الرقمي. وإلا… ستُمحى.”
تلاشت الغرفة فجأة، وفتح حسام عينيه في سريره.
أضاء جهازه تلقائيًا، وعرض له إشعارًا أخيرًا:
“الاختبار انتهى. المستخدم: H204 تم إخراجه من النظام. – ذا شادو”
دخل إلى ملفاته، فوجدها كلها مفرغة. كل شيء ذهب… إلى الأبد.
نهض بصمت، كتب استقالته، وخرج من الشركة دون وداع.
لكن في الطريق، سمع همسًا يأتي من هاتفه القديم:
“لقد سامحناك… لكن نظرتنا لا تُزال عنك.”
ابتسم حسام، بحزن. لقد انتهت اللعبة… ولم يكن فيها فائز.
المشهد 7: الهدف التالي – بداية قصة جديدة
في نفس اللحظة، على شاشة أحد الموظفين الجدد في فرع الشركة، ظهرت نافذة غامضة بدون مقدمات.
“مرحبًا، سمية. نحن نعلم ما أخفيته. ونحب أن نلعب معك. CODE: L303 – ذا شادو”
(يتبع في القصة القادمة من سلسلة “ذا شادو”)..