تنفَّس بعمق… ثم اختفِ

في عالمٍ يخنق أنفاسه، وُلِد من يتنفس الخطر... فهل كان الحل أم الكارثة؟

في زمن اختنقت فيه الأرض بهواءها، لم يعُد التنفّس حقًا فطريًا. كل شهيقٍ تحوّل إلى مقامرة، وكل زفيرٍ رهانٌ مع الموت. في عالمٍ خنقه الطمع العلمي، ودفن الطبيعة تحت أقنعة من الصمت، وُلد فتى لا يحتاج قناعًا… لكنه لم يكن وحده، ولم يكن عاديًا.


الفصل الأول: مدينة فوق الغبار

مدينة “نيوميرا” لم تكن دومًا صامتة. كانت تضجُّ بالحياة. لكن بحلول عام 2099، تغيّرت كل ملامحها. شوارعها باتت تحت الغيوم الدائمة من الضباب الكيميائي، والهواء المجاني أصبح ذكرى. تسيطر الشركات على الحياة: “أوكسيفلور” و”بريثيكو” تبيعان الهواء في زجاجات مختومة بسعر الذهب.

كل شخص يرتدي قناعًا. حتى الأطفال، منذ سن الثانية، تُزرع لهم حساسات تنفس مرتبطة بتطبيقات ذكية تحذر من أي زيادة في “نسبة الزفير الخطر”.

في مركز المدينة، كانت الشاشات العملاقة تعرض نشرة جودة الهواء بدلًا من أخبار العالم. آخر خبر: “تسرب غازي في القطاع الشمالي – البقاء في المنازل إجباري”.


الفصل الثاني: هواء في جسد صبي

في حي “فالاكس” الصناعي، وبين الأزقة المتكسّرة، خرج طفل يُدعى “ليو”. لم يكن يرتدي قناعًا. هذا وحده كان كافيًا ليصير ظاهرة.

لكنه لم يسعل، لم يختنق، بل ركض وضحك واستنشق الهواء كما لو كان يعيش في عالمٍ آخر.

تجمهر الناس، بعضهم بكى، بعضهم سجّل فيديوهات سرّبت إلى وسائل التواصل تحت الوسم: #الفتى_الذي_تنفس. خلال ساعات، حُظر الوسم، واختفى معظم من نشره.

في منتصف الليل، داهمت وحدة “البيو-حماية” منزله. تم تقييد ليو ونقله إلى “نواة-7″، المركز الطبي العميق تحت الأرض الذي لا يعلم أحد بوابته.


الفصل الثالث: نواة-7

استيقظ ليو على سرير معلق بالكابلات. أجهزة فحص تحيط بجسده، وأضواء حمراء تومض بلا توقف. وقف د. كارما، رئيس الأبحاث، يتأمله بدهشة: “هذا الصبي قد يغير مصيرنا… أو يدمرنا”.

تحليل دمه كشف عن وجود بروتين جديد لم يُسجل سابقًا في الجينوم البشري، أطلقوا عليه اسم: AER-Χ. هذا البروتين يتفاعل مع الجزيئات السامة ويحوّلها إلى أوكسجين نقي داخل الرئتين.

لكن الظاهرة الأكثر رعبًا، كانت الأصوات.

ليو بدأ يسمع همسات تأتي من الجدران. لم يكن جنونًا. الجدران نفسها كانت تتنفس.


الفصل الرابع: الهواء يتحدث

في إحدى الليالي، تسلّل ليو إلى غرفة منسية في نهاية ممر لا تعمل إضاءته. الباب كان مغلقًا بشيفرة بيولوجية، لكن بصمته فتحت الباب تلقائيًا.

في الداخل، كانت هناك جمجمة بشرية موصولة بأنابيب، تغذي غرفة صغيرة بجهاز تنفس بدائي ينبض كما لو كان حيًا. على الحائط، كلمات محفورة بالليزر: “لسنا وحدنا هنا. لا تثق في الهواء”.

الأصوات أخبرته عن المشروع السري: “AEROS 3”. مشروع بدأته الحكومات في الخفاء لتجهيز البشر لحياة على كوكب جديد، “أوريجا-4″، بعد أن أصبح إنقاذ الأرض خيارًا غير مُربح.

لكن المشروع فشل، والمختبرات التي احتوت الطفرات دُمّرت، ما عدا واحدة… هو.


الفصل الخامس: طفرة حية

أرادت الحكومة استنساخ ليو. لكن د. كارما بدأ يتغير. رأى في ليو ابنه الذي فقده بسبب التلوث. فهرب به من المختبر، وسلّمه إلى شبكة سرّية تُعرف باسم “الصامتون”.

هذه المجموعة مكوّنة من علماء وصحفيين وناجين من تجارب فاشلة. هدفهم كشف الحقيقة وإنهاء تجارة الهواء.

لكن “أوكسيفلور” كانت ترصد كل شيء.

أرسلت طائرة من طراز H-Drone لتصفيتهم. دارت معركة في أنفاق الصرف القديمة، استخدم فيها ليو هالته الحيوية لتفكيك الغازات. كانت المرة الأولى التي يتفاعل فيها جسده مع البيئة ويؤثر عليها خارج جسده.


الفصل السادس: المواليد الأوائل

بعد هروبهم إلى مدينة مهجورة تُعرف باسم “الظلال الثلاثة”، اكتشفوا أطفالًا آخرين. لا يرتدون أقنعة. تنفسهم نقي. جميعهم وُلدوا خلال سنوات التسرب الغازي الكبير.

بعضهم يستطيع رؤية الطيف الكهرومغناطيسي. البعض يسمع الموجات تحت الصوتية. كلهم متصلون بما يشبه “الهواء الواعي”.

تأكّد ليو أن هذه ليست نهاية العالم، بل بداية نوعٍ جديد من الإنسان.


الفصل السابع: المواجهة

نُظمت مظاهرة في قلب “نيوميرا”. خرج آلاف يرتدون الأقنعة ويحملون عبوات الهواء. لكن الأطفال، بقيادة ليو، وقفوا في منتصف الميدان وخلعوا أقنعتهم.

بدأت السلطات بنشر غازات سامة جديدة. لكن شيء ما حدث. الأشجار نبتت في الشقوق. الزهور امتصت السموم. والأطفال وقفوا، ينشرون هالاتهم.

الموجة الهوائية التي أطلقها ليو قلبت كل شيء.


الفصل الثامن: الولادة الجديدة

انهار نظام تجارة الهواء. الشركات انسحبت. المختبرات توقفت. وأصدرت المحكمة البيئية العالمية مرسومًا بإعادة تأهيل الأرض بدلًا من الهروب منها.

ليو اختفى. يُقال إنه عاد إلى “نواة-7″، وكتب على الحائط:

“الهواء ليس سلعة… بل روح. وإذا حاولتم تقييده مجددًا، سنعود، لكن هذه المرة… لن نكون أطفالًا.”


خاتمة رمزية:

القصة تحاكي الواقع في شكل خيال علمي؛ هي دعوة للتأمل في تأثيرنا على بيئتنا، وتحذير من أن ما نلوثه اليوم قد يتنفس ضدنا غدًا

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

نعتذر ممنوع نسخ محتوى أطياف