ذا شادو – حكايات من عالم بلا خصوصية – المنشور المحظور

في كل هاتف سر... وفي كل سرّ كائن ينتظر

في زمن أصبحت فيه الهواتف صناديق سوداء لحياتنا، لم تعد الكاميرا فقط هي من تراك… بل شيءٌ ما داخل الهاتف نفسه بدأ يراك… يفهمك… يحكم عليك.

دعنا نتابع قصتنا الأولى من سلسلة ” ذا- شادو “

المنشور المحظور

كل شيء بدأ بصورة واحدة… صورة سخرت فيها “سما” من زميلتها – في المدرسة – البدينة على إنستغرام. لكن ما لم تعلمه، أن الإنترنت لم يعد كما كان… وأن هناك من يراقب من خلف الشاشات… ليس شخصًا… بل شيء.
شيء لا يُسامح.


المشهد الأول: “المنشور”

الساعة كانت الثانية صباحًا.
ضوء شاشة الهاتف ينعكس على وجه “سما”، فتاة في السابعة عشرة من عمرها، ذات شعر بني غامق ومكياج صارخ حتى في هذا الوقت المتأخر. كانت تضحك وهي تقرأ التعليقات على منشورها الأخير: صورة معدّلة لزميلتها “نهى” بجسم خنزير، ومكتوب تحتها:

“مين يقولنا دي طلعت تعمل دايت فين؟ اكيد في المزرعة السعيدة؟ 🐷”

انهالت عليها الإعجابات والضحكات، والرسائل الخاصة التي تزيدها غرورًا:

“إنتي فظيعة يا سما”
“جبتِيها من الآخر..”
” يخرب بيت عقلك “

لكن وسط كل التعليقات… ظهر تعليق غريب، بلا اسم، بلا صورة شخصية:

“هل أنتِ مستعدة لدفع الثمن؟”

ظنتها مزحة من أحد الحسابات المزيفة… لكنها لم تكن كذلك.


المشهد الثاني: “عطل مفاجئ”

في اليوم التالي، كانت سما تصور ستوري جديدة وهي تضحك وتسخر من “نهى” داخل الفصل، لكن فجأة… توقف الهاتف عن التصوير.
ظهر على الشاشة إشعار لم تره من قبل:

Access Denied – Reason: Violation Detected
System Intervention Pending…

ثم انطفأ الهاتف.
أعادته للعمل، لكن كل صورها اختفت. لا شيء. لا ستوري، لا بوستات…
بل الأكثر رعبًا: كل حساباتها الاجتماعية تم تسجيل خروج منها تلقائيًا.
ظنت أنه فيروس… أو ربما هاكر.

إلى أن سمعت الصوت لأول مرة…


المشهد الثالث: “الصوت”

ليلاً… وبينما كانت تتصفح جهاز الكمبيوتر في غرفتها، لاحظت نافذة جديدة تنفتح تلقائيًا، سوداء، بلا عنوان.
ثم ظهر وجه ضبابي… لا ملامح واضحة… فقط عينان مضيئتان بلون أحمر.
وسمعت الصوت… منخفضًا، خشنًا، وكأنه قادم من أعماق الجهاز نفسه:

“لقد نشرتِ ظلًا… وسينعكس عليكِ الآن.”

صرخت، أغلقت الجهاز، لكنها لم تستطع تجاهل ما حدث.
في اليوم التالي، لم تأتِ “نهى” إلى المدرسة… قيل إنها حاولت الانتحار.


المشهد الرابع: “العدّ التنازلي”

مرّت أيام، وكل ليلة كانت سما تتلقى إشعارًا غريبًا على هاتفها الجديد:

“3 ليالٍ”
“2 ليلة”
“ليلة واحدة”

وفي كل مرة، يزداد الأمر غرابة:

  • هاتفها يُعيد تشغيل نفسه في منتصف الليل

  • أصوات تنبعث من السماعات رغم عدم وجود أي تشغيل

  • إشعارات على المرايا

  • ظهور وجهها مشوهًا في صور السيلفي

وفي ليلة العدّ النهائي… استيقظت لتجد صورتها الشخصية على هاتفها، وقد كتب عليها:

“دورك الآن”


المشهد الأخير: “العقاب الكامل”

في اللحظة التي ظهرت فيها الرسالة، انطفأت كل أنوار الغرفة.
مرآة التسريحة المقابلة بدأت تُظهر صورًا لا تخص “سما”، بل صورًا لضحايا آخرين تعرضوا للتنمر الرقمي، وجوههم باكية، كلمات قاسية تُطبع على وجوههم كأنها وشوم:
“سمينة”، “غبية”، “قبيحة”، “لا أحد يحبك”.

ثم بدأت شاشة هاتفها تومض بسرعة، وكل ومضة كانت تظهر رسالة واحدة متكررة:

“تشعرين بشيء؟ نهى شعرت به أكثر…”

فجأة، رن الهاتف دون أن يتصل به أحد.

أجابت، ليأتيها الصوت من نفس الكائن الغامض:

“سما… هل تعلمين كم مرة حاولت نهى أن تتنفس تحت ثقل كلماتك؟
هل جرّبتِ يومًا أن تستيقظي، فتجدي العالم كله يضحك عليك؟
حان وقت التجربة… لكن لا تقلقي، ستكوني بطلتها.”

وفجأة، ظُلِمت الشاشة…
ثم اشتعلت الغرفة بالكامل بنور أحمر ينبض كالقلب، وظهر كيان رقمي ثلاثي الأبعاد من الهاتف مباشرة، يتكون من بيانات مشوشة، ملامحه مشوّشة لكن عينيه حمراء كالدم.

“ذا شادو” بنفسه.

اقترب منها، لا يمشي… بل يتحرك كسحابة من البِتّات، تحوم حولها.

قال بصوت كالسكاكين:

“أصداؤك الرقمية لا تموت… هي تعود إليك.
المنشور الذي يضحك عليه الجميع الآن، سيكون أول ما يراه كل من يبحث عن اسمك…
ولن يُمحى، حتى تُمحى نيتك السيئة.”

مد يده الافتراضية نحو جبينها…
وفجأة، انطفأت كل أجهزتها، ووقعت في غيبوبة قصيرة.

استيقظت “سما” في السابعة صباحًا…
وإذا بكل أجهزتها لا تتعرف عليها… وكأنها شخص مجهول.

لكن الكارثة الحقيقية لم تبدأ بعد…

عندما ذهبت إلى المدرسة، لاحظت نظرات غريبة من الجميع، ضحكات خفيفة، ونظرات شفقة.

فتحت هاتف صديقتها، لتجد أن منشورًا جديدًا انتشر على كل المنصات، فيه صورة لها نائمة، بفم مفتوح، وعليها تعليقات لا ترحم.

لم تنشره هي… لكنها عرفت مَن فعل.

كان توقيع المنشور:

“ذا شادو – الفصل الأول من العدالة”

لم تستطع “سما” حذفه… لأنه لم يكن على حساب معين، بل نُشر بطريقة غير قابلة للتعقب، وشُفرت البيانات لتبقى دائمة.

عادت إلى بيتها، جلست تبكي لساعات، ثم أخيرًا قررت أن تبحث عن “نهى”.

وصلت إلى منزلها، دقّت الباب، ولأول مرة… اعتذرت من قلبها.

بكت أمامها، قالت كل شيء، لم تُدافع عن نفسها.

“نهى” لم تتكلم كثيرًا، لكنها سمحت لها بالدخول.
شربتا الشاي معًا بصمت، وداخل هذا الصمت… حدث شيء غريب:

عاد هاتف “سما” للعمل.

لكن كل ما كان عليه قبل ذلك… لم يعد.
وكأن “ذا شادو” أعاد ضبط الذاكرة الرقمية بعد ما اختبرت الألم الحقيقي.

ظهر إشعار أخير:

“Lesson completed.
البعض يحتاج لعقاب، والبعض يحتاج لفهم.
حافظي على الندم، لا تنسيه أبدًا.”

انطفأ الهاتف مرة أخرى… ولكن هذه المرة، لم تخف.
بل فهمت.

ولكن حسام لم يفهم بعد ،، 

في نفس اليوم الذي استيقظت فيه “سما” على فضيحة رقمية فضحتها أمام العالم كله، كانت منصات الشركة التي يعمل بها “حسام” تشهد شيئًا غريبًا.

ظهرت نافذة منبثقة على كل أجهزة الموظفين في لحظة واحدة، كتب عليها:

“كل من يلعب بالنار، يراها تحترق في وجهه.
– ذا شادو”

ظنها الجميع مزحة، لكن “حسام” شحب وجهه.

لم يخبر أحدًا، لكنه يعرف أن أحدًا ما… دخل على نظامه الخاص.

لأول مرة، يشعر أن اللعبة التي يتحكم بها… قد لا تكون له وحده.

هل هاتفك يراقبك الآن؟

تابع سلسلة ذا- شادو : “حسام” – الموظف الذي ظن أنه ذكي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

نعتذر ممنوع نسخ محتوى أطياف